أجناسها ، قليلا كان المعدن أو كثيرا ، ذهبا كان أو فضة ، من غير اعتبار مقدار ، وهذا إجماع منهم بغير خلاف.
ويجب إخراج الخمس من المعادن والكنوز على الفور ، بعد أخذها ، ولا يعتبر مؤون السنة ، بل يعتبر بعد إخراج مؤنها ونفقاتها ، إن كانت تحتاج إلى ذلك.
وأمّا ما عدا الكنوز ، والمعادن ، من سائر الاستفادات ، والأرباح ، والمكاسب ، والزراعات ، فلا يجب فيها الخمس ، بعد أخذها وحصولها ، بل بعد مئونة المستفيد ، ومئونة من تجب عليه مئونته ، سنة هلالية ، على جهة الاقتصاد ، فإذا فضل بعد نفقته طول سنته شيء ، أخرج منه الخمس ، قليلا كان الفاضل ، أو كثيرا ، ولا يجب عليه أن يخرج منه الخمس ، بعد حصوله له ، وإخراج ما يكون بقدر نفقته ، لأنّ الأصل براءة الذمة ، وإخراج ذلك على الفور أو وجوبه ذلك الوقت ، يحتاج إلى دليل شرعي ، والشرع خال منه ، بل إجماعنا منعقد بغير خلاف أنّه لا يجب إلا بعد مئونة الرجل طول سنته ، فإذا فضل بعد ذلك شيء ، أخرج منه الخمس ، من قليله وكثيره ، وأيضا فالمئونة لا يعلمها ، ولا يعلم كميتها ، إلا بعد تقضي سنته ، لأنّه ربما ولد له الأولاد ، أو تزوج الزوجات ، أو انهدمت داره ، ومسكنه ، أو ماتت دابّته ، التي يحتاج إليها ، أو اشترى خادما يحتاج إليه ، أو دابّة يحتاج إليها ، إلى غير ذلك ممّا يطول تعداده وذكره ، والقديم ، ما كلفه إلا بعد هذا جميعه ، ولا أوجب عليه شيئا ، إلا فيما يفضل عن هذا جميعه طول سنته ، وقول شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمهالله ، في جمله وعقوده : ووقت وجوب الخمس فيه ، وقت حصوله (١) يريد به المعادن التي عدّدها ، بدليل قوله واستثنائه الكنوز ، فإنّه قال : إلا الكنوز ، فإنّه يراعى فيها النصاب الذي فيه الزكاة ، والغوص يراعى فيه مقدار دينار ، وما عداهما لا يراعى فيه مقدار ، ولو
__________________
(١) الجمل والعقود : فصل في ذكر ما يجب فيه الخمس ، ص ٢٠٧.