وضوء وإن كان عليه شيء من العذرة أو البول فحسب انتقضت الطهارة بما صحبها من ذلك ، لا بخروج ذلك الشيء.
باب الجنابة وأحكامها وكيفية الطهارة منها
الجنابة في اللغة هي البعد ، قال الأعشى : أتيت حريثا زائرا عن جنابة ، يعني عن بعد ، وهي في الشريعة كذلك ، لأن الجنب بعد عن أحكام المتطهرين ، لأنّ المتطهر يستبيح ما لا يستبيحه الجنب ، من الجلوس في المساجد وغير ذلك ، والجنب بعد عن ذلك ، لحدثه ، ويصير الإنسان جنبا ، ويتعلّق به أحكام المجنبين ، من طريقين فحسب لا ثالث لهما.
أحدهما إنزال الماء الذي هو المني سواء خرج دافقا أو مقارنا للشهوة ، أو لم يكن كذلك ، في النوم كان ، أو في اليقظة ، وعلى كل حال ، على ما مضى شرحنا له.
والآخر غيبوبة الحشفة ، على ما ذكرناه وحققناه من قبل ، وهذان الحكمان يشترك فيهما الرجال والنساء ، فإن جامع الرجل امرأته فيما دون الفرج الذي حققناه وبيّناه ، وأنزل ، وجب عليه الغسل ، وإن لم ينزل فليس عليه الغسل ، وكذلك المرأة.
وذكر بعض أصحابنا (١) في كتاب له ، فقال : فإن جامع الرجل امرأته فيما دون الفرج ، وأنزل ، وجب عليه الغسل ، ولا يجب عليها ذلك ، فإن لم ينزل فليس عليه أيضا الغسل ، فإن أراد بقوله الفرج القبل فحسب ، فغير مسلم ، وإن أراد بالفرج القبل والدّبر معا ، وأراد بجماعة فيما دونهما ، فصحيح قوله على ما بيّناه وأوضحناه ، فكلامه محتمل ، فلا يظن بمصنف الكتاب ، إلا ما قام عليه الدليل ، دون ما لم يقم عليه ، إذا كان الكلام محتملا ، مع إيرادنا كلامه وقوله وفتواه ، من غير احتمال للتأويل الذي ذكره في مبسوطة (٢) ، وجوابات
__________________
(١) وهو الشيخ رحمهالله في النهاية في باب الجنابة
(٢) المبسوط : في غسل الجنابة وأحكامها.