مجتازا إلا المسجدين.
والذي عندي أنّ الغسل لا يجب ولا يكون نيته واجبة إلا للأمرين اللذين وجب الوضوء لهما فحسب ، لأنّه شرط في الصلاة وفعل من أفعالها ، وكذلك الطواف ، فإذا لم يكن الصلاة ولا الطواف على المكلّف واجبين ، فلا يجب الغسل ، ولنا في هذا مسألة قد بلغنا فيها إلى أبعد الغايات ، وأقصى النهايات ، فمن أرادها وقف عليها من حيث أرشدناه ، وربّما أوردناها في باب الجنابة إن شاء الله تعالى.
فأمّا ما يوجب الوضوء أو الغسل فسنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
والطهارة بالماء هي الأصل ، وإنّما يعدل عنها إلى الطهارة بالتراب عند الضرورة ، وعدم الماء.
وتسمية التيمم بالطهارة صحيح ، لا خلاف فيه ، لأنّه حكم شرعي ، لأنّ الرسول عليهالسلام قال : جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا (١) وأخبارنا مملوة بتسمية ذلك طهارة.
وينبغي أولا أن نبدأ بما تكون به الطهارة من المياه وأحكامها ، ثم نذكر بعد ذلك كيفية فعلها وأقسامها ، ثم نعقّب ذلك بذكر ما ينقضها ويبطلها ، والفرق بين ما يوجب الوضوء والغسل ، ثم نعود بعد ذلك إلى أقسام التيمم على ما بيّناه.
باب المياه وأحكامها
كل ما استحق إطلاق هذه السمة التي هي قولنا ماء على اختلاف محاله ، وأسماء أماكنه وعذوبته في طعمه وملوحته ، فهو طاهر ، لا يمتنع من التطهير به
__________________
(١) الوسائل : الباب ٧ من أبواب التيمم ، ح ٢.