السفر عندنا يقطع التتابع ، سواء كان مضطرا إليه ، أو مختارا. فأمّا إذا لم يكن الشهر المنذور ، لا متعينا ، ولا متتابعا بالشرط ، فلا يجزيه إلا أن يصومه في البلد الذي عينه فيه ، أيّ وقت قدر عليه.
ومتى عجز الإنسان عن صيام ما نذر فيه ، تصدّق عن كل يوم بمد من طعام ، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في نهايته (١) وهذا ينبغي أن يقيّد ، ويقال : متى عجز بمرض ، يرجى برؤه ، وشفاؤه ، فلا يكون هذا حكمه ، بل يجب عليه قضاؤه بلا كفارة ، إذا برئ لأنّ المريض لا يجب عليه بإفطاره في حال مرضه في الصوم المعيّن ، كفارة ، بل يجب عليه القضاء إذا برئ فحسب ، بغير خلاف ، فأمّا إذا كان العجز بكبر ، أو بمرض ، لا يرجى برؤه ، ولا شفاؤه ، فيكون الحكم ما قاله شيخنا ، ولا قضاء عليه ، فليتأمّل ذلك ، ففقهه ما ذكرناه.
وصوم كفارة اليمين ، واجب أيضا ، وهو ثلاثة أيام متتابعات ، لا يجوز الفصل بينهما بالإفطار ، مختارا ، إلا أن يعرض مرض ، أو حيض ، فيجوز البناء على ما صام ، سواء كان جاوز أكثر من النصف ، أو أقل من ذلك ، فأمّا إذا فصّل بين الثلاثة الأيام ، لغير حيض ، أو مرض ، فإنّه يجب عليه الاستئناف ، والحر والعبد في هذا الحكم سواء.
وصيام أذى حلق الرأس واجب ، إذا لم ينسك ، ولم يتصدق.
وصيام ثلاثة أيام ، لمن لم يجد دم المتعة ، في الحج ، متتابعات ، وهي بدل الهدي ، مع عدمه ، لا بدل ثمنه ، وذهب بعض أصحابنا إلى أنّ الصيام بدل الثّمن ، لأنّ عند هذا القائل ، أنّه لا يجزيه الصيام ، مع وجود الثمن ، والأول أظهر ، لأنّ الله تعالى ، (٢) نقلنا مع عدم الهدي إلى الصيام ، ولم يجعل بينهما واسطة ، فمن ادّعاها
__________________
(١) النهاية : كتاب الصوم ، باب ما يجري مجرى شهر رمضان.
(٢) قوله تعالى : ( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ ) الآية ، البقرة : ١٩٦.