باب أحكام الحيض والاستحاضة والنفاس
الحيض والمحيض عبارتان عن معنى واحد ، وهو الدم الأسود الخارج بحرارة ودفع ، في أغلب الأوقات والأحوال في زمان مخصوص من شخص مخصوص ، فهذا الحد أسلم من حدّ من قال : إنّ الحائض هي التي ترى الدم الأسود الحار الذي له دفع ، وبهذه الصفات يتميز من دم الاستحاضة ، والعذرة والقرح وغيرها ، وهذا لا يصح ، لأنّها لو رأت الدم بهذه الصفات في أقل من ثلاثة أيّام لم يكن حيضا بالإجماع ، وكذلك لو رأته المرأة بعد العشرة أيام بهذه الصفات لم يكن حيضا ، وإن شئت قلت : هو الدم الذي له تعلّق بانقضاء العدة على وجه ، إمّا بظهوره أو بانقطاعه ، فقولنا بظهوره المراد به انّها إذا رأت المطلقة الدم الثالث أول قطرة منه بانت على الصحيح من الأقوال ، هذا إذا كان لها عادة مستقيمة ، ورأته فيها ، لأنّ العادة والغالب كالمتيقن في حكم الشرعيات ، فأمّا إذا لم يكن لها عادة مستقيمة ، فلا تخرج من العدة برؤية القطرة من الدم الثالث ، إلا بعد اليقين بأن ذلك الدم دم حيض ، وهو أن يتوالى ثلاثة أيام متتابعة ، لأنّها في العدة بيقين ، ولا يجوز أن يخرج من اليقين إلا بيقين مثله ، ولا يقين لها إذا رأت القطرة ، إلا إذا دام ثلاثة أيام ، إلا أن تراه في أيّام عادتها المستقيمة ، فيحكم بأنّه حيض ، لما قدّمناه من أنّ العادة والأغلب كالمتيقن الحاصل ، فليلحظ هذا الموضع ، وليتأمل.
وبعض أصحابنا قال : إن كان طلاقها في أول طهرها بانت بذلك ، وإن كان طلاقها في آخر طهرها فلا تخرج من العدة إلا بعد انقطاعه واستيفاء أيامه ، فهذا معنى قولهم بظهوره أو بانقطاعه على هذا القول والمذهب ، وهو مذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد النعمان رحمهالله.
والأول مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمهالله وهو انّها تخرج من