الكراهة أتوا به على لفظ الحظر والحرام ، وكذلك إذا كان الشيء على جهة الاستحباب المؤكّد ، أتوا به على جهة الوجوب ، إلا بما يتعلّق بالصلاة من تقديم إمام ، أو تسوية صف.
والترتيب واجب في الأذان والإقامة ، فمن قدّم حرفا منه على حرف ، رجع فقدّم المؤخر ، وأخّر المقدّم منه.
فإن قيل : عندكم أنّ الأذان والإقامة مندوبان ، ومع ذلك فالترتيب فيهما واجب؟
قلنا : غرضنا بما قلنا من وجوب الترتيب مع كون الأذان مندوبا إليه ، أنّ من أتى بهما غير مرتبين يستحق به الإثم ، غير انّا نقول استحقاقه الإثم ليس هو بسبب أنّه أخلّ بواجب عليه فعله ، وانّما هو بسبب ارتكابه بدعة وشيئا غير مشروع ، باعتبار انّه لو ترك الأذان والإقامة وجميع صفاتهما ، فإنّه لا يستحق بذلك إثما ، فانكشف بذلك انّ استحقاق الإثم فيهما إذا فعلا غير مرتّبين ، انّما هو بارتكاب البدعة ، لا بالإخلال بالواجب.
ولا يجوز التثويب في الأذان ، اختلف أصحابنا في التثويب ما هو ، فقال قوم منهم : هو تكرار الشهادتين دفعتين ، وهذا هو الأظهر ، لأنّ التثويب مشتق من ثاب الشيء إذا رجع ، وأنشد المبرّد لمّا سئل عن التأكيد فقال :
لو رأينا التأكيد خطة عجز |
|
ما شفعنا الأذان بالتثويب |
وقال قوم منهم : التثويب هو قول : الصلاة خير من النوم ، وعلى القولين لا يجوز فعل ذلك ، فمن فعله لغير تقية كان مبدعا مأثوما.
وكذلك اختلف الفقهاء في تفسيره.
والدليل على أنّ فعله لا يجوز ، إجماع طائفتنا بغير خلاف بينهم. وأيضا لو كان التثويب مشروعا لوجب أن يقوم دليل شرعي يقطع العذر على ذلك ، ولا دليل عليه.
وأيضا فلا خلاف في أنّ من ترك التثويب لا يلحقه ذم ، ولا عقاب ، لأنّه