والمستحاضة هي التي ترى الدم بعد أكثر أيام الحيض ، وبعد أكثر أيام النفاس ، وبعد استبانة حملها ، على ما حققناه وأسلفنا القول فيه ، وبعد خمسين سنة ، وتغيير عادتها ، وبعد تجاوز دمها عادتها ، والعشرة الأيّام ، واستمراره على ما قدّمناه ، فيكون ما عدا العادة استحاضة وإن كان بعضها في العشرة الأيّام ، هذا مع استمراره وتجاوزه العادة والعشرة الأيام ففي جميع هذه الأحوال هي مستحاضة وكذلك إذا رأت الدم أقل من ثلاثة أيام ، فهي أيضا مستحاضة ، ومتى رأت هذا الدم وجب عليها أن تستبرئ نفسها بقطنة ، ولها ثلاثة أحكام :
أحدها : أن تراه يسيرا لا يثقب الكرسف الذي هو القطن ، فالواجب عليها الوضوء لكلّ صلاة ، وتغيير القطن والخرقة ، ولا يجوز لها أن تجمع بين صلاتين بوضوء واحد ، بل يجب عليها لكلّ صلاة وضوء ، وتغيير القطنة ، والخرقة ، وإتيان الصّلاة بعد وضوئها بلا فصل ، وأمّا إذا توضّأت أولا في أول الوقت ولم تصل إلا في ثانيه أو وسطه أو آخره ، فإنّ صلاتها غير صحيحة ، لأن قولهم عليهمالسلام : « يجب الوضوء عليها عند كلّ صلاة » (١) يقتضي المقارنة ، لأن ( عند ) في لسان العرب لا تصغر ، فهي للمقارنة كما انّ قبيلا وبعيدا للمقارنة ، فكذلك عند ، لأنّها مع ترك التصغير بمنزلة بعيد وقبيل في التصغير.
قال شيخنا في مبسوطة : إذا توضأت المستحاضة وقامت إلى الصّلاة ، فانقطع عنها الدم قبل أن تكبّر تكبيرة الإحرام ، فلا يجوز لها الدخول في الصّلاة إلا بعد ان تتوضأ ثانيا ، لأنّ انقطاع دم الاستحاضة حدث يوجب الوضوء ، ثم قال : فإن انقطع بعد تكبيرة الإحرام ودخولها في الصّلاة تمضي في صلاتها ، ولا يجب عليها استينافها (٢).
قال محمّد بن إدريس مصنّف هذا الكتاب : إذا كان انقطاع دم
__________________
(١) الوسائل : الباب ١ من أبواب المستحاضة.
(٢) المبسوط : كتاب الطهارة باب في أحوال الاستحاضة.