الصحيحة ، ودليلها ، ما استدل به رحمهالله ، فأمّا المسألة الأخيرة ، ووجوب الإمساك على الصبي الذي ، إذا بلغ ، فلا دليل على ذلك ، بل إجماع أصحابنا منعقد على خلافها ، وانّما يستحب له الإمساك ، ولا يجب على الصبي ، إذا بلغ في خلال الصوم ، الإمساك ، وإنّما هذه فروع المخالفين ، فلا يلتفت إليها ، لأنّها مخالفة لأصول مذهبنا.
والمسافر ، إذا قدم أهله ، وكان قد أفطر قبل قدومه ، فلا فرق بين أن يصل قبل الزوال ، أو بعد الزوال ، في أنّه لا يجب عليه صيام ذلك اليوم ، بل يمسك تأديبا لا فرضا ووجوبا ، فأمّا إذا لم يكن قد تناول ما يفسد الصيام ، وقدم أهله ، فإن كان قدومه قبل الزوال ، إلى مكان يسمع فيه أذان مصره ، فالواجب عليه تجديد النية ، وصيام ذلك اليوم وجوبا ، لا مندوبا ، ويجزيه ، ولا يجب عليه القضاء ، فإن لم يصمه ، والحال ما وصفناه ، وأفطره ، فإنّه يجب عليه القضاء والكفارة ، لأنّه أفطر متعمدا في زمان الصيام ، وإن قدم إلى المكان الذي يسمع منه أذان مصره ، بعد الزوال ، فإنّه يمسك تأديبا ، لا وجوبا ، وعليه قضاء ذلك اليوم.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في نهايته : والمسافر إذا قدم أهله ، وكان قد أفطر ، فعليه أن يمسك بقية النهار ، تأديبا ، وكان عليه القضاء ، فإن لم يكن قد فعل شيئا ينقض الصوم ، وجب عليه الإمساك ، ولم يكن عليه القضاء (١) ولم يفصّل ما فصّلناه ، ولا قال بعد الزوال ، أو قبل الزوال ، بل أطلق ذلك ، ولم يقيّده ، فعلى إطلاقه أنّه إذا قدم بعد الزوال ، ولم يكن قد تناول ما يفسد الصيام ، يجب عليه الإمساك ، ولا يجب عليه القضاء ، وهذا بخلاف الإجماع ، وقد رجع عن هذا القول ، في مبسوطة (٢) وفصّل ما فصّلناه ، وهو الصحيح الذي لا خلاف فيه بين أصحابنا ، والأصل الذي يقتضيه المذهب ، لأنّ بعد
__________________
(١) النهاية : كتاب الصوم ، باب حكم من أسلم في شهر رمضان.
(٢) المبسوط : كتاب الصوم ، فصل في حكم المريض والمسافر.