أركانه ، فقد أجزأته حجته عن حجة الإسلام ، ويستحب له اعادة الحجّ بعد استبصاره ، وإن كان قد أخل بشيء من أركان الحجّ ، لم يجزه ذلك عن حجة الإسلام ، وكان عليه قضاؤها فيما بعد ، وذهب شيخنا في مسائل خلافه إلى أنّه قال : مسألة ، من قدر على الحج عن نفسه ، لا يجوز أن يحج عن غيره ، وإن كان عاجزا عن الحج عن نفسه ، لفقد الاستطاعة ، جاز له أن يحج عن غيره ، وبه قال الثوري ، وقال مالك وأبو حنيفة : يجوز له أن يحج عن غيره ، على كل حال ، قدر عليه ، أو لم يقدر ، وكذلك يجوز له أن يتطوع به ، وعليه فرض نفسه ، وبه نقول (١).
قال محمّد بن إدريس : قوله رحمهالله وبه نقول ، غير واضح ، والمذهب يقتضي أصوله أنّ من وجب عليه حجة الإسلام ، لا يجوز له أن يتطوع بالحج قبلها ، لأنّ وجوب حجة الإسلام عندنا على الفور ، دون التراخي ، بغير خلاف ، فالواجب المضيّق ، كل ما منع منه ، فهو قبيح ، وانّما هذا مذهب أبي حنيفة ، اختاره شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في مسائل خلافه ، وقوله في غير هذا الكتاب ، بخلاف ما ذهب إليه فيه.
باب في أقسام الحجّ
الحج على ثلاثة أقسام ، تمتع بالعمرة إلى الحج ، وقران ، وإفراد ، وانّما كان ذلك لاختلاف المكلفين في الجهات ، والا لو كان عالم الله نائيا عن الحرم ، كان الحج قسما واحدا ، وهو التمتع بالعمرة إلى الحج ، ولو كان العالم مستوطنين الحرم ، كان الحج ضربا واحدا ، إمّا قرانا ، أو إفرادا ، فالتمتع ، هو فرض من نأى عن الحرم ، وحدّه ، من كان بينه وبين المسجد الحرام ، ثمانية وأربعون ميلا ، من أربعة جوانب البيت ، من كل جانب اثنا عشر ميلا ، فلا يجوز لهؤلاء ،
__________________
(١) الخلاف : كتاب الحج ، مسألة ١٩.