ولا يصح منه الأداء ، لأنّ إزالة الحدث في مقدوره ، لا لأمر راجع إلى غيره ، لا يصح منه فعله ، إلا أنّه لا يلزمه القضاء ، متى أسلم ، لأنّ القضاء فرض ثان ، ومن شرطه : الإسلام ، وكمال العقل.
وأمّا المرتد عن الإسلام ، إذا رجع ، فإنّه يلزمه قضاء الصوم ، وجميع ما فاته ، من العبادات في حال ارتداده ، لأنّه كان بحكم الإسلام ، لالتزامه له ، أولا ، فلأجل ذلك ، وجب عليه القضاء ، فأمّا إن ارتد ، ثم عاد إلى الإسلام ، قبل أن يفعل ما يفطره ، فلا يبطل صومه بالارتداد ، لأنّه لا دليل عليه.
فأمّا كمال العقل ، شرط في وجوبه عليه ، لأنّ من ليس كذلك ، لا يكون مكلفا ، من المجانين ، وغيرهم ، ولا فرق بين أن لا يكون كامل العقل في الأصل ، أو يزول عقله فيما بعد ، في أن التكليف يزول عنه ، اللهم إلا ان يزول عقله ، بفعل يفعله ، على وجه يقتضي زواله ، بمجرى العادة ، فإنّه إذا كان كذلك ، لزمه قضاء جميع ما يفوته ، في تلك الأحوال ، وذلك مثل السكران وغيره ، فإنّه يلزمه قضاء ما فاته ، من العبادات كلها ، وإن كان جنى (١) جناية ، زال معها عقله ، على وجه لا يعود ، بأن يصير مجنونا مطبقا ، فإنّه لا يلزمه قضاء ما يفوته ، وأمّا إذا زال عقله بفعل الله ، مثل الإغماء ، والجنون ، وغير ذلك فإنّه لا يلزمه قضاء ما يفوته ، في تلك الأحوال ، فعلى هذا ، إذا دخل عليه شهر رمضان ، وهو مغمى عليه ، أو مجنون ، أو نائم ، وبقي كذلك ، يوما ، أو أياما ، كثيرة ، أفاق في بعضها ، أو لم يفق ، لم يلزمه قضاء شيء ، ممّا مرّ به ، سواء أفطر فيه ، أو طرح في حلقه ، على وجه المداواة له ، فإنّه لا يلزمه القضاء حينئذ.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمهالله في مبسوطة : لا يلزمه القضاء ، لشيء ممّا مرّ به ، إلا ما أفطر فيه ، أو طرح في حلقه على وجه المداواة له ، فإنه
__________________
(١) ط : حين جنايته.