الأحكام وفقا للمخطّط الذي وضعه الشيخ في « المبسوط » فاحتلال هذا الكتاب المركز الرسمي لكتاب « النهاية » في الحوزة ، واتجاه حركة البحث والتعليق إليه يعني أنّ حركة التفريع والتخريج قد عمّت واتسعت حتى أصبحت الحوزة كلّها تعيشها. وله في الأصول « معارج الوصول الى علم الأصول » و « نهج الوصول الى علم الأصول ».
ومن أولئك النوابغ : تلميذ المحقّق وابن أخته المعروف بالعلّامة الحلّي الحسن بن يوسف ( ت ٧٢٦ ه ) وله في الأصول « مبادئ الوصول الى علم الأصول » و « تهذيب الوصول الى علم الأصول » (١) وكأنّه أراد أن يجعل بالأوّل مرقاة لمعارج المحقّق ، وبالثاني تهذيبا لنهجه ، والذي هو بدوره كان تيسيرا للطلبة للوصول الى ما في كتابي « العدّة » للطوسي و « الذريعة » للمرتضى من الأصول. واستمرت هذه الكتب الأصولية الأربعة للأستاذ المحقّق والتلميذ العلّامة هي محور البحث الأصولي في الحوزة في الحلّة في القرون : الثامن والتاسع والعاشر الهجري ، حتى نسخها كتاب « معالم الدين وملاذ المجتهدين » للحسن بن زين الدين الجبعي العاملي ( ت ١٠١١ ه ) الذي مثّل فيه المستوي العالي لعلم الأصول في عصره بتنظيم جديد وتعبير يسير ، الأمر الذي جعل لهذا الكتاب شأنا كبيرا في عالم البحوث الأصولية ، حتى أصبح كتابا دراسيّا في هذا العلم ، وتناوله المعلّقون بالتعليق والنقد. وقاربه قرينه « زبدة الأصول » للشيخ البهائي محمد بن الحسين العاملي ( ت ١٠٣١ ه ).
هذا جانب من نماذج النتائج التي تمخّضت عنها الحركة العلمية الأصولية والفقهية التحقيقية الاستدلالية لابن إدريس في الحلّة بالعراق ، والتي استمرت فيها حتى القرن العاشر حيث انتقل الازدهار العلمي من الحلّة في العراق الى
__________________
(١) من المعالم الجديدة في الأصول للشهيد الصدر « قدسسره » : ٧٢ ـ ٧٦ بتصرّف.