أضف إلى ذلك : أن كلمة «وراءهم» تفيد : أنهم ليس فقط يذرون ذلك اليوم الثقيل ، وإنما هم يجعلونه وراءهم أيضا ، والشيء الذي يكون وراء الإنسان لا يمكنه أن يراه ما دام كذلك.
ولعل هذا يشير إلى جهلهم به أيضا ، إذ إنه إذا كان هذا اليوم ثقيلا ، فكيف لا يلتفتون إليه ، ليزيلوا ثقله عن أنفسهم ، فهل يمكن أن يكونوا لا يشعرون بثقله هذا؟! .. أليس ذلك دليلا آخر على درجة انحطاطهم ، ومهانتهم ، وأن تفكيرهم قد أصبح معطلا تماما ، بل هو يسير باتجاه معاكس للاتجاه السليم؟! ..
«وراءهم» لماذا؟!
ولا ريب في أن اليوم الذي تركوه آت إليهم ، وهو يستقبلهم ويواجههم ، ولكنهم لا يشعرون به ، رغم أنه يلقي بثقله عليهم كأفراد ، فقد بطل إحساسهم بثقله أيضا ، كما بطلت رؤيتهم له .. وليس ثمة من وسيلة إدراك أقوى من الإحساس والمشاهدة ، فإذا تعطلتا ، حتى أصبح الشيء أو الأمر الحاضر الذي يفترض فيهم أن يروه لأنه أمامهم ـ اصح ـ مستحيل الرؤية ، فإن الإنسان يكون قد بلغ الغاية التي ما بعدها غاية في السوء والسقوط ..
«يوما» :
ثم إنه تعالى أشار إلى زمان ثقيل ، ولم يتحدث عن أحداث ، أو عن مسؤوليات .. مما يعني أن مستوى ثقل تلك الأحوال ، والأحداث ، والمسؤوليات قد تناهى وسرى إلى نفس الزمان الذي تقع فيه ، وأوجب ثقله أيضا ..
والزمان هو البوابة التي لا بد لهم من عبورها ، ولا مناص لهم منها ..
إن الإنسان قد يتمكن من الابتعاد عن موقع أو مكان ، وأن ينأى بنفسه