ثانيا : إن «كسب» بمعنى الفعل الاختياري ونتائجه ، لا بمعنى
المال.
فإن الفعل
ونتائجه يصدق عليها المال والكسب ، وإنما يكون مالا باعتبار القدرة والسلطة عليه
والحيازة له. ومن ذلك ما روي عن النبي هود عليهالسلام حين سئل عن زوجته قال : تلك زوجتي وهي عدوي. وأنا أدعو
الله لها بطول البقاء ، لأن عدوا أملكه خير من عدو يملكني. فقد عبر عن السيطرة
والقدرة بالملك. ومنه قوله تعالى : (بِيَدِهِ عُقْدَةُ
النِّكاحِ). أي تحت سلطته وقدرته.
فالفعل
الاختياري نحو من الكسب ونحو من المال ، حين يكون الفرد قادرا عليه ومتسلطا عليه.
وقد تكرر ذلك في القرآن الكريم. قال تعالى : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ
ما كانُوا يَكْسِبُونَ). وقال : (كُلُّ امْرِئٍ بِما
كَسَبَ رَهِينٌ). وقال : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ
نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ). إلى غير ذلك من الآيات.
فمن الواضح من
تلك الآيات : أن «كسب» بمعنى الفعل الاختياري ونتائجه ، وليس بمعنى المال.
ولم يرد الكسب
بمعنى المال في القرآن إلّا في مورد واحد. وهو قوله تعالى : (أَنْفِقُوا مِنْ
طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ). أي من المال الحلال. أما بقية الآيات الكريمة ، فهي
غير ظاهرة بالمال. بل الظاهر منها ما هو الأعم من فعل اختياري من طاعة وعصيان.
ومن هنا قال
المعتزلة باصطلاح الكسب في علم الكلام ، يريدون الفعل
__________________