وبتعبير آخر : إن القرآن لم يذكر اسمه : عبد العزى لأمرين :
١ ـ لمانع ثبوتي ، وهو مخالفته للواقع ، من حيث كونه عبد لله حقيقة.
٢ ـ لمانع إثباتي أو إعلامي. وهو تعمد حذف أمثال هذه الأسماء من السياق القرآني. لأن في ذكرها شهادة حالية بصحتها وتخليدا لذكرها مع أنها فاسدة أساسا. وليس حذفها فاسدا ، لأنه اسم شخص رديء ، وقد ذكر الله سبحانه عددا من الأشخاص بالكنية ، بصفتها أسماء سوء ، وإن لم تكن أعلامهم الشخصية ، كالشيطان وفرعون.
الأمر الثالث : ما ذكره الرازي في هامش العكبري (١) من (أنه ذكره بكنيته لموافقة حاله لكنيته. فإن مصيره إلى النار ذات اللهب) فيكون أبو لهب يعني الحاصل على لهب جهنم (وإنما كني بتلك لتلهب وجنتيه وإشراقهما).
أقول : إن لفظة : أبي لهب. مناسبة مع حاله الأخروي. فمن اللطيف أن يسبّ بكنيته. باعتباره من المعاقبين في الآخرة.
الأمر الرابع : إن اسمه الشخصي هو أبو لهب. فهو علم له وليس بكنيته ، لأنه لا يوجد له علم سواه ، كما نسمي : أبو الحسن وأبو الخير.
الأمر الخامس : وهو يشبه الأمر الثالث إلّا أنه بتبرير آخر. وذلك : أننا لو غضضنا النظر عن اسمه ولقبه الدنيويين. فإنه تعالى أراد أن يعلمنا بأنه معاقب على أي حال. فهو ذو لهب في الآخرة ، وهو تعبير عرفي شائع. تقول : أبو البيت وأبو المسجد.
فإن قلت : فإنه تعالى كناه ولم يكنّ أنبياءه ورسله. فهل هو أكثر احتراما منهم؟
أقول : من حيث إنه كناه. فإن كل الأجوبة السابقة ترد فيه.
وأما لما ذا سمى أنبياءه. فنقول : كفى بالمرء ذاته. مضافا إلى أن المسمّى
__________________
(١) المصدر والصفحة.