معهم. وذلك لأمرين :
الأمر الأول : لأنه ليس عدوهم ، وإنما هو عدو آدم وذريته بنص القرآن (١) ولم يذكر القرآن أنه عدو الجن.
الأمر الثاني : إن الجن يرونه أعني الشيطان ، والإنس لا يرونه. قال تعالى (٢) : (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ).
وإذا رآه الجن استطاعوا أن يهربوا منه لئلا يخدعهم. بينما الإنسان لا يستطيع ذلك لأنه لا يراه. بل يسمع كلامه ويطيعه ، لأنه مناسب لشهواته.
قلت : أما أولا : فصحيح أن الشيطان عدو لآدم وذريته. ولكن يمكن القول بأنه عدو لأهل الإيمان خاصة أيا كانوا من الملائكة أو من الجنّ أو من البشر أو من أي خلق الله. إذن ، فهو عدو مؤمني الجنّ لأنهم يؤمنون بعدوه وهو الله سبحانه وتعالى. وكل مؤمن بعدو فهو عدو. كما قيل في الحمة (٣) : عدوك ثلاثة عدوك وعدو صديقك وصديق عدوك.
ويكون بين مؤمني الجنّ والشيطان عداوة ، لأنهم مخلصون لله عزوجل. وليس في القرآن (مفهوم مخالفة) من هذه الجهة ، ما يدل على أنه عدو للبشر وليس عدوّا للجنّ. إذا فعداوته للجنّ مما لا مانع منها ، كأطروحة.
وأما ثانيا : فإن الأمر الثاني خطل من القول ، فإن الإنسان لا يهرب ممن يخدعه من البشر بالرغم من أنه يراه ، بل يعتبره ناصحا له وموجها. لأنه موافق لرغباته ونفسه الأمارة بالسوء.
فإذا اعترف الطباطبائي ، بوجود شياطين من الإنس ، وهم أعداء كشياطين الجنّ ، إذن فالهرب من كلا الجنسين قد لا يكون متحققا.
__________________
(١) كما قال سبحانه : (إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا). فاطر / ٦.
(٢) الأعراف / ٢٧.
(٣) وفي نهج البلاغة ما يدل عليه ج ٤ ص ٧١ (شرح محمد عبده).