فإذا سطرت هذه الكلمات المكررات ، ملأت سطرين أو أكثر فينبغي أن يكون الكلام سمجا. مع أنه قد صاغه في غاية الرصانة والبلاغة. وبنفس المقدار من الأسطر ، وهذا من إعجاز القرآن الكريم.
بل نستطيع هنا أن نقول : إن نسبة الكلمات غير المكررة إلى الكلمات المكررة في ابتداء هذه السورة ، هي نسبة قليلة ، فليست غير المكررة إلّا بضع كلمات هي : باسم وعلق والأكرم والقلم. وهي أربعة بإزاء ستة. فإذا التفتنا أن تكرار الستة يجعلها اثني عشر أو أكثر (١). استطعنا التعرف على النتيجة النهائية.
قال في الميزان (٢) : والمراد بالإنسان الجنس ، كما هو ظاهر السياق ، وقيل : المراد به آدم عليهالسلام ، وقيل : إدريس لأنه أول من خط بالقلم. وقيل كل نبي كان يكتب. وهي وجوه ضعيفة بعيدة عن الفهم.
أقول : إن التعليم إذا كان منحصرا به سبحانه ، فهو لا يعلم كل إنسان بل هو خاص بالأنبياء. ومن هنا ذكروا ذلك. إلّا أنه يوجد مقسم آخر وهو كل إنسان ، بل جميع الخلق ، فإنه إنما يتلقى الهداية والتعليم من الله سبحانه ، كما أوضحنا في الوجوه السابقة.
سؤال : عن قوله تعالى ما لم يعلم ، ما هو الذي لا يعلمه الإنسان ، وفي أي زمان كان لا يعلم؟
جوابه : هذا يختلف باختلاف معنى العلم الذي تلقاه الإنسان من الله سبحانه حسب الأطروحات السابقة :
فإن قصدنا تفسيره بالتعليم الاعتيادي طبقا للأسباب ، فالإنسان كان قبل هذا التعليم جاهلا أو قاصرا أو سفيها. وأصبح عالما بعد ذلك.
وإن قصدنا : «التذكر» وهو منوط بالله سبحانه ، وكل شيء تذكره فقد
__________________
(١) ولو بعنوان : أن يعلم تكرار لعلم لأنها من مادتها.
(٢) ج ٢٠ ، ص ٣٢٢.