الكريم (١) : (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً).
البداية الثالثة : العلق ، قال تعالى (٢) : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ). وهو الدم.
فهذه ثلاث بدايات للإنسان ، فالأولى بانتسابه إلى الأرض ، والثانية بانتسابه إلى أبيه ، والثالثة بانتسابه إلى أمه وأول تكوينه. وبلحاظ كل نسبة يصدق أنها بداية. ويمكن أن يلحظ المتكلم أي واحد منها ، فقد اختار في إحدى الآيتين واحدة ، واختار في الأخرى الأخرى.
سؤال : ما هي النسبة بين الفعلين : خلق الأولى وخلق الثانية. لأنها واردة هنا بنحو التتابع؟
جوابه : أولا : إنها ليست سمجة ، بل لطيفة وموافقة مع رويّ القرآن وسياقه وذوقه.
ثانيا : إن الثانية تأكيد للأولى ، باعتبار أن السامع قد يكون مستشكلا أو معترضا أو غير منتبه. فترد الثانية للتأكيد. وهذا معناه أنهما واحدة في المعنى.
ثالثا : إنها معطوفة بحذف حرف العطف ، ونتيجته التعدد في المعنى ، أي : خلق مطلقا وخلق الإنسان من علق. ومن الواضح أنه لا يستقيم نحويا بدون حرف العطف أو تقديره.
إلّا أنه يمكن الطعن بالكبرى لغويا ، وإن صحت نحويا ، وهي ضرورة التعاطف بين الجمل. بل قد تكون كل جملة مستقلة عن الأخرى ومعه فلا حاجة إلى تقدير حذف حرف العطف.
رابعا : إنها عطف بيان على الأولى. إلّا أنه لا يتم لأمرين :
__________________
(١) المؤمنون / ١٤.
(٢) العلق / ٢.