ثم حبب إليه الخلاء ، وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه. وهو التعبد ، الليالي ذوات العدد. قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة ، فيتردد لمثلها.
حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ. فقال : ما أنا بقارئ. قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد. ثم أرسلني فقال : اقرأ. فقلت : ما أنا بقارئ. قال : فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد. ثم أرسلني فقال : اقرأ. فقلت : ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد. ثم أرسلني. فقال : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ).
فرجع بها رسول الله صلىاللهعليهوآله يرجف فؤاده. فدخل على خديجة بنت خويلد. فقال : زملوني زملوني. فزملوه ، حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة : كلا. ما يخزيك الله أبدا. إنك لتصل الرحم وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت خديجة ، حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة. وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب. وكان شيخا كبيرا قد عمي. فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك.
فقال له ورقة : يا ابن أخي ما ذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوآله خبر ما رأى. فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى. يا ليتني أكون فيها جذعا ، يا ليتني أكون فيها حيا. إذ يخرجك قومك.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أو مخرجيّ هم؟ قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلّا عودي. وإن يدركني يومك أنصرك