الأطروحة الرابعة : ما قاله في الميزان (١) : والظاهر من الروح هو الروح الذي من الأمر قال تعالى (٢) : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي).
أقول : إنه قدسسره لم يذكر ما معنى الروح في الآية بالتحديد. وواضح من السياق أن المراد منها الروح الإنساني. فإن الروح الواقعية التي عند الله للإنسان هي التي تنزل مع الملائكة ، في ليلة القدر. وهي من عالم الأمر وهي أيضا في حقيقتها خلق أعظم من الملائكة ، فحصل الوفاق بين عدد من الأطروحات.
سؤال : إن الملائكة جمع ، والروح مفرد. فلما ذا قال ذلك؟
جوابه : من عدة وجوه :
الأول : إن المراد بالروح الجنس ، وهو بمعنى الجمع. يعني تنزل الملائكة والأرواح. فالأول جمع نحويا والثاني جمع معنويا. وهذا يكفي.
الثاني : أن يلحظ الفرد فقط ، ولكل فرد روح واحدة. وهذا اللحاظ غير موجود في الملائكة.
الثالث : إن الروح واحدة لا تتعدد طبقا لكل الأطروحات السابقة في فهمها. فهي وجود واحد ، فلا بد من التعبير عنه بالمفرد. ولا يمكن بالجمع.
سؤال : ما هو معنى الإذن في قوله تعالى : (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ)؟
جوابه : قال الراغب (٣) : والإذن في الشيء إعلام بإجازته والرخصة فيه. وقال في الميزان (٤) : وهو إعلام عدم المانع منه.
أقول : وهذا لا يكفي لأن المفهوم متشرعيا كون الملائكة مأمورين إلزاما بالنزول. فكيف يجتمع الإذن الترخيصي والأمر الإلزامي. وهذا المعنى لم يتعرض له السيد في الميزان.
__________________
(١) الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٣٣٢.
(٢) الإسراء / ٨٥.
(٣) المفردات ، مادة : «اذن».
(٤) ج ٢٠ ، ص ٣٣٢.