أجابت النصوص الشريفة بثلاثة أجوبة كلها صحيحة :
الجواب الأول : إنه لا واسطة بين العبد وربه. قال تعالى (١) : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ). وقال (٢) : (أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ). فهو أقرب إليه من ذاته فضلا عن غيره.
الجواب الثاني : إن الأئمة المعصومين (عليهمالسلام) : هم الواسطة ، فهم الشفعاء والأولياء ، وقال في الدعاء خطابا لهم (٣) ، إرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم والصادر عما فصّل من أحكام العباد.
ولكنّهم سلام الله عليهم ، لا يتصرفون بذواتهم الاستقلالية ، بل بحقائقهم الواقعية الفانية في ذات الله سبحانه. والله هو المسبب الحقيقي. فالأمر نازل من الله والتوجه منحصر إلى الله. وإن كان ذلك بواسطة المعصومين. فالمعصوم عليهالسلام ، موجود بحسب الحقيقة الثانية ، وغير موجود بحسب الحقيقة الأولى ، فالواسطة موجودة لكنها بمنزلة العدم.
الجواب الثالث : إن الواسطة هي الأسماء الحسنى. والله تعالى فتح لنا هذه الرحمة ، قال سبحانه (٤) : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها). فندعوه بها لكي لا نحرم من تلك الرحمات المترتبة على الاستعانة بالله سبحانه.
ولا منافاة بين هذا الجواب والجواب السابق. وذلك لأن الأسماء الحسنى مستبطنة في الأئمة المعصومين عليهمالسلام. وهذا المجموع مستبطن وفان في الله سبحانه. فهو موجود ـ كما قلنا ـ بصورة فنائية لا بصورة استقلالية.
وعليه فقد اقتضت الحكمة أن يختار الله سبحانه للبسملة أوسع أسمائه
__________________
(١) ق / ١٦.
(٢) الأنفال / ٢٤.
(٣) مفاتيح الجنان ص ٤٢٣.
(٤) الأعراف / ١٨٠.