وجوابه : إنهم كانوا متدينين بدين الله في زمن الجاهلية ، وهو دين الحنيفية. كما روي عن عبد المطلب وأبي طالب وغيرهما ، إنهم كانوا يقرءون كتب الأنبياء السابقين.
الثالث : إن الجزء الرئيسي ـ حسب فهمي ـ من دين الحنيفية ، هو ما نسميه بأصول الدين ، لا فروعه ، والجزء الرئيسي من أصول الدين هو التوحيد. مع الغفلة عن الأربعة الأخرى منها في ذلك الحين أو عن غالبيتها.
وأما فروع الدين ، فلم تكن ملغاة بالمرة ، نعم ، لم تكن هناك أوامر محددة ، وإنما كان هناك نواة. كلا تزن لا تسرق لا تكذب لا تشرب الخمر. وأمثال ذلك. وقد كان الحنفاء ملتزمين بمثل هذه الأمور مضافا إلى تركهم السجود للأصنام.
فإن قلت : كيف تكون الحنيفية مقبولة منهم ، وقد كان الدين الحق يومئذ هو دين المسيح عليهالسلام؟
قلنا : نعم ، ولكن هناك عدة موانع من الالتزام بذلك ، منها :
١ ـ إن دين اليهودية والنصرانية ، كان محرفا عن العقيدة الأصلية لأنبيائهم. ولم تكن العقيدة الأصلية معروفة بينهم ليتم الالتزام بها.
٢ ـ إن اليهود والنصارى كان لهم وجود في جزيرة العرب. وهم معاشرون ومصاحبون للمجتمع. ويعرفهم الناس بأنهم ذوو عقائد محددة غير محمودة ، كالاعتقاد بالثالوث المقدس ونحوه. ويستطيع المفكرون من أهل الحنيفية استنتاج ذلك بكل تأكيد.
٣ ـ إن هؤلاء اليهود والنصارى ، كما هم غير تامين في أصول دينهم ، فهم ناقصون أيضا في فروع دينهم ، وملتزمون بكثير من المعاصي والفواحش واللاإنسانية ، الأمر الذي ينفر الفرد المنصف والطالب للحق عنهم.
ومن هنا كان لا بد لهؤلاء الطالبين للحق ، الالتزام بنبوة النبي السابق