وهم القيّمون على الدين وهم المعصومون عليهمالسلام. فيحصل التنافي. لأننا عرفنا أن مخلصين بالكسر تعبير عن المتدنين نسبيا. والقيمة تعبير عن العالمين. مع أن ظهور السياق القرآني هو كون المراد منهما واحدا ، فكيف نجمع بينهما؟
قلت : يكون ذلك من عدة وجوه :
أولا : يمكن التنزل عن تأويل الجماعة القيّمة إلى الأمة القيّمة ، وهم سائر المسلمين ، وهم مخلصين بالكسر غالبا. فناسب صدر الآية ذيلها ، وسقط الإشكال.
ثانيا : إن الآية الكريمة ليس فيها مفهوم مخالفة ناف للزائد.
ونحتاج هنا إلى مقدمة وحاصلها : أن النسبة بين مخلص بالكسر ومخلص بالفتح هو العموم المطلق ، وليس التباين ولا التساوي. فكل مخلص بالفتح هو مخلص بالكسر ، ولا عكس.
فالجماعة القيّمة وهم المعصومون عليهمالسلام ، مخلصين بالكسر وهم أولى من غيرهم أن يكونوا كذلك ، والآية لاحظت حالهم بالكسر ولم تلحظه بالفتح. ولا يجب ذكر الصفة الأفضل.
ثالثا : إنه تعالى يقول : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ). فالجماعة القيّمة آمرة. والكفار والمشركون وأهل الكتاب هم المأمورون.
فمتعلق الآية هو الأمر لمن هو دان لكي يكونوا مخلصين بالكسر. وأما مخلصين بالفتح ، فلا يتعلق به الأمر ، لأنه من فعل الله لا من فعل العبد.
رابعا : إن السياق يختلف بقوله تعالى : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) كأنه بدأ سياق ثان ، فلا يتعين أن يكون مخلصين بالكسر وصفا للقيمة ، بل يمكن أن يكونوا مخلصين بالفتح.
فإن قلت : فإنه في متن العبارة يقول : وذلك ، وهو إشارة إلى أمور منها المخلصون بالكسر ، المذكورون في الآية.