ونقول بنحو الأطروحة : إن الرباعي متعدّ دائما ولا يكون لازما. وهذا ينتج أنه إذا لوحظ الفعل لازما كان من الثلاثي واسم فاعله : خالص. والرباعي اسم فاعله : مخلص بالكسر. فإذا لاحظنا جانب الفاعل قلناه بالكسر ، وإذا لاحظنا جانب المفعول قلناه بالفتح.
فيكون معنى : مخلص لك بالكسر ، أي أنه جاعل فيك الإخلاص. كما لو سلك سلوكا بحيث جعلك توده ، وتخلص له. فهو مخلص لك أي مخلّصك من الشوب الذي كان موجودا عندك تجاهه. ثم نقل بشكل مجازي. فبدلا من أن يكون لقبا للفاعل أصبح لقبا للمفعول به.
إذن ، فمعنى الإخلاص ، إنما هو بالفتح دائما ، لأن الملحوظ فيه جانب المفعول. وأما بالكسر ، فالملحوظ فيه جانب الفاعل. لكن العرف لا يفهم ذلك!!. فقد أصبح المخلص بالكسر صفة للمتصف بالإخلاص كما أصبح لازما. مع أنه في أصل اللغة ينبغي أن يكون متعديا.
وهما ليسا مترادفين ، طبعا. لأن أحدهما اسم فاعل والآخر اسم مفعول. فيتحصل سؤال : أنه ما الفرق بينهما؟
جوابه : إن في ذلك عدة أطروحات :
الأولى : أن نقول : إنه لا فرق بينهما ، وإنما هما لغتان لمعنى واحد.
الثانية : إن مخلص بالكسر لوحظ فيه التسبيب للإنسان ، كما سبق. وبالفتح لوحظ إسناد السبب إلى الله سبحانه.
الثالثة : إن المخلص بالكسر أقل درجة من الآخر. باعتبار أن الفرد قد يشعر أنه هو الذي يتكامل أو يجعل نفسه متصفا بالزهد والعبادة. فإن كان صادقا في نيته فهو مخلص بالكسر. وإن كان يشعر أن طاعاته إنما هي بتوفيق الله سبحانه وفضله ، فهو مخلص بالفتح. والأول أقل درجة بطبيعة الحال ، من الثاني.
إن قلت : إنه بناء على ذلك يحصل تناف في الآية الكريمة : مخلصين له الدين ، وذلك دين القيمة ، بناء على تفسير المشهور. أي الجماعة القيّمة.