الإسلامية ، ومجيء البينة لهم هو البيان النبوي الذي تبين لهم في كتابهم وأوضحه لهم أنبياؤهم.
أقول : وهو كما ترى ، إذا كان المراد بالبيان النبوي هو خصوص الإسلام ، كما هو المنساق من عبارته. وإنما البينة والعلم هو تعاليم أنبيائهم خاصة. نعم يمكن الحمل على المعاني المشتركة بين كل الأنبياء.
سؤال : ننقل فيه لفظ الطباطبائي في الميزان حيث قال (١) : ما باله تعرض لاختلاف أهل الكتاب وتفرقهم في مذاهبهم. ولم يتعرض إلى تفرق المشركين وإعراضهم عن دين التوحيد ، وإنكارهم الرسالة.
جوابه : من أكثر من وجه :
أولا : ما أجاب به في الميزان (٢) : من أنه لا يبعد أن تكون الآية شاملة للمشركين ، كما هي شاملة لأهل الكتاب ، يعني بالإطلاق.
أقول : وهذا غير محتمل لأن الآية مقيدة بالذين أوتوا الكتاب لفظا. والمشركون ليسوا مصداقا منهم. إلّا أن يراد الأمة المدعوة لهم لا خصوص الأمة المؤمنة منهم. وهو غير مقصود للمؤلف جزما.
مضافا : إلى أن عالمية الدعوة عندئذ كانت اقتضائية ولم تكن فعلية. والجزيرة العربية (وهي المحل الرئيسي للمشركين يومئذ) لم تكن معهودة بالدعوة المسيحية ، في حياة المسيح ونحو ذلك.
مضافا : إلى أن المشركين ما جاءتهم البينة ولا العلم فإننا إذا فسرناها بالأديان السابقة ، فهؤلاء ليس لهم دين سابق.
ثانيا : من أجوبة السؤال : إن المشركين غير مهمين في نظر القرآن ، في هذه المرحلة من التفكير ، بإزاء الكفار الكتابيين ، لوجود الأنبياء لديهم.
ثالثا : إن المشركين لم يختلفوا لعدم حصول البينة لديهم. فمن هذه
__________________
(١) المصدر والصفحة.
(٢) المصدر والصفحة.