جوابه : إننا إن أخذناها بالمعنى المتعارف فإنه يشمل الكتب السماوية الحقة كلها. ويؤيده ما قلناه من أن البينة الثانية إنما هي نحو ذلك.
إلّا أنه مع ذلك لا يتم : لأن ظاهر الآية : أن الكتب في الصحف ، لا أن الصحف في الكتب. فإذا حملنا الكتب والصحف على المعنى المتعارف ، كانت الصحف في الكتب دون العكس ، فيتعين بالسياق أن يراد بها الكتابة ، كما سبق أن قلنا.
قال في الميزان (١) : وللقوم اختلاف عجيب في تفسير الآية ومعاني مفرداتها ، حتى قال بعضهم ـ على ما نقل ـ : إن الآية من أصعب الآيات القرآنية نظما وتفسيرا. والذي أوردناه من المعنى هو الذي يلائمه سياقها ، من غير تناقض بين الآيات وتدافع بين الجمل والمفردات.
أقول : لا توجد آية في القرآن الكريم ، لا يمكن التوصل إلى معناها ، باستثناء الحروف المقطعة. وذلك لعدة أسباب مفهومة ، أهمها أن القرآن إنما أنزل إلى الناس لهدايتهم ، ولا تحصل الهداية بغير التفهم.
وعلى أي حال ، فإنه لا يوجد كلام غير مفهوم ، بل لا معنى لذلك البتة. ولكن الخطاب إنما يوجد بمقدار فهم المخاطب ، والله تعالى يعلم بمقدار فهمه. وإذا عرضنا ـ كما سبق ـ عدة أطروحات للفهم ، كفى أن تصح واحدة منها لإقامة المعنى ، أيّا كانت هي منها. وإنما هؤلاء قوم قاصرون وقد أضافوا صفتهم إلى غيرهم ... إلى كتاب الله سبحانه.
سؤال : عن معنى القيمة في قوله تعالى : (فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ).
جوابه : فيها عدة احتمالات أو أطروحات :
أولا : غلاء الثمن. يعني ثمن الكتب.
ثانيا : علو المعنى والأهمية.
ثالثا : القيمومة. كما قال الله تعالى (٢) : (دِيناً قِيَماً) أي قيما.
__________________
(١) ج ٢٠ ، ص ٣٣٧.
(٢) الأنعام / ١٦١.