فإن قلت : وما ربط ذلك بالزلزلة؟
قلت : إن نفهم منها الزلزلة المعنوية ، فإن نفس الإنسان تتزلزل عند البلاء الدنيوي وعند الفرج والحزن والغضب والشكوك وغيرها. ولعل كل أفراد البشر قد مروا في ذلك.
ومعه فيكون المراد من قوله تعالى : (وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها). يعني : صاحب تلك النفس وحاملها.
فإن قلت : إننا عرفنا أن المراد الإشارة إلى زلزال رئيسي ، عظيم الأهمية ، فهل لدى النفس شيء من هذا القبيل؟
قلت : نعم ، ولذلك عدة مصاديق أوضحها ما يحدث حالة الاحتضار ، فتخرج الأرض أثقالها وهو البدن ويقول المحتضر ما لها. ولما ذا حصل الألم إلى هذه الدرجة؟
فإن قلت : فإن حمل اللفظ ، وهو الأرض على الأرض المعنوية ، مجاز ، وهو مناف لأصالة الحقيقة.
قلنا : نعم ، إلّا أن استعمال القواعد اللغوية العامة في الفهم المعنوي للقرآن ، ليس في محله.
الفهم السادس : أن نفهم من الأرض : ما على الأرض لا الأرض نفسها ، أي أن نفهم الجانب الاجتماعي والإنساني من الأرض. كما قال تعالى (١) : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) ، أي أهل القرية بصفتهم متضمنين في معنى القرية نفسها ، فالأرض متضمنة للمجتمع أيضا.
وفي هذا الفهم ، أن المراد تزلزل المجتمع بالبلاء الدنيوي ، أو بأي شيء يشاؤه الله تعالى. وأخرجت الأرض أثقالها ، وهو سقوط المهمين في المجتمع ، وقال الإنسان ما لها ، وهم أفراد المجتمع.
ولكن لما ذا يعبر بالزلزال هنا؟
__________________
(١) يوسف / ٨٢.