جوابه : ما في الصدور هي النوايا والارتكازات والذكريات وغير ذلك ، مما في باطن النفس.
والمراد بالتحصيل إما ثبوتي وإما إثباتي. فما يحصل ثبوتا هو بروز المرتكزات من القوة إلى الفعل. وذلك عن طريق أسبابها في الدنيا. وأما الإثباتي ، فهو بمعنى التعرف عليه والتذكير به في الآخرة.
وأما عن الصدور فهي كوامن النفس ومحتوياتها. وإنما عبر بالجمع باعتبار تعدد الأفراد المقصودين.
وليس الآن محل الكلام في التفريق بين القلب والصدر في القرآن الكريم ، بل له فرصة أخرى إن شاء الله تعالى. وإنما لنا الآن أن نعدّهما بمعنى واحد ، كما هو إحدى الأطروحات. فيكون المراد بالصدور أحد معنيين :
أولا : كوامن النفس اللاشعورية.
ثانيا : ما هو مخزون في الذاكرة.
فهنا مستويان من التفكير :
المستوى الأول : إن الذاكرة من سنخ العقل ، والعقل في الرأس عرفا وليس في الصدر. وإنما في الصدر العواطف والكوامن.
المستوى الثاني : إن الذاكرة مناسبة مع تحصيل الآخرة وحسابها لأنه يتذكر ما مرّ عليه في الدنيا. وفي الحديث (١) : في الدنيا عمل ولا حساب وفي الآخرة حساب ولا عمل.
إذن ، فمن الممكن جعل الصدور قرينة متصلة على كون المراد حصول التحصيل في الدنيا.
فإن قلت : فإن قوله تعالى : (إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ). قرينة قطعية على أنه يحصل في الآخرة ، لأن بعثرة القبور تكون يومئذ.
__________________
(١) نهج البلاغة ج ١ ، ص ٩٣ ، شرح محمد عبده.