في حقه. بل المراد العلم الاستقلالي عن إرادة الله تعالى وتعليمه وهدايته. فيكون المراد النفي الحقيقي للعلم الاستقلالي. وهو صحيح.
رابعا : أن يكون استفهاما حقيقيا ، ولكن مدخوله ليس هو النار الحامية ، وإنما هو الإدراك. أي : كيف علمت ما هي؟
فإن قلت : إن هذا تناقض في نفسه ، لأنه خلاف قوله : نار حامية ، فيتعين أن لا يكون السابق عليه استفهاما حقيقيا.
جوابه : من وجهين :
أولهما : أن يكون نار حامية بمنزلة الجواب عن ذلك السؤال.
ثانيهما : أن يكون ذلك دخيلا في الاستفهام نفسه. ويكون المراد : الاستفهام عن سبب الإدراك لكونها نارا حامية. بحيث يكون اللفظ المتأخر قيدا للمتقدم.
سؤال : ما هي الهاء الموجودة في نهاية قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ؟).
جوابه : قال أبو البقاء العكبري (١) : والهاء في «هيه» هاء السكت. ومن أثبتها في الوصل أجرى الوصل مجرى الوقف لكي لا تختلف رءوس الآي.
أقول : إننا لا نعلم أن الوحي كيف نزل على النبي صلىاللهعليهوآله فإنه بدويا يحتمل فيه ثلاث أطروحات :
الأولى : وجود هاء السكت.
الثانية : إنها بفتح الياء بدون هاء.
الثالثة : إنها بالوقف على الياء. ومقتضى القاعدة في الوقت على الحرف هو سكونها.
فإذا لم نعلم أن هاء السكت نزلت بالوحي ، وإنما يحتمل أن الكتاب
__________________
(١) ج ٢ ، ص ١٥٧.