وبالتدقيق ،
فإن المقبرة بالفتح اسم مكان وبالكسر اسم آلة ، وكلاهما يمكن التعبير به عن القبر.
فقد يكون اسم آلة ، أي آلة الانتقال من الدنيا إلى الآخرة ، أو آلة الإقبار وهو أن
يغيب الجسد عن أعين الناظرين وضرر الآخرين.
إن
قلت : لما ذا قال
: المقابر ، ولم يقل : القبر؟
قلت : ذلك : أولا : لحفظ النسق القرآني في الآيات.
ثانيا : إن الخطاب للمجموع ، وكل واحد منهم انتهى ونزل إلى
قبره. فأتى به جمعا لا مفردا.
سؤال : ما المراد بقوله : زرتم؟
جوابه
: قال في
المفردات : الزّور أعلى الصدر ، وزرت فلانا تلقيته بزوري ، أو
قصدت زوره. نحو وجهته. ورجل زائر وقوم زور نحو مسافر وسفر. وقد يقال : رجل زور ،
فيكون مصدرا موصوفا به نحو : ضيف.
أقول : هذا من ناحية اللفظ. وأما من ناحية المعنى ، فيمكن أن
نتساءل : هل تؤخذ هذه الزيارة مؤقتة أو دائمة؟
فإن كانت مؤقتة
كانت بمعنى الاعتبار بالمقابر حال الحياة ، لأجل التقليل من التكاثر أو الامتناع
عنه. لأنه من قبيل ذكر الموت. وقد ورد : إذا ضاقت بكم الصدور فعليكم بزيارة
القبور. وورد : أحيي قلبك بالموعظة ... وذلّله بذكر الموت. من حيث إن
ذلك يقلل من الاهتمام بالدنيا ، أو يزيله كله.
وإن كانت هذه
الزيارة دائمة ، فستكون تعبيرا آخر عن الموت نفسه. يعني : ألهاكم التكاثر طول
حياتكم حتى متّم.
__________________