وقال الراغب أيضا : ويقال : ألهاه كذا أي شغله عما هو أهم إليه. قال تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ).
أقول : الإنسان في حياته يواجه أمورا ومحتملات عديدة ، يكون بعضها أهم من بعض أو قل : يكون بعضها أهم وبعضها مهم ، إما دنيويا وإما أخرويا ، وإما من كلا الجهتين : فإذا أخذ الفرد بالجانب الأقل أهمية وترك الجانب الأهم ، كان هذا لهوا. في حدود المعنى اللغوي الذي سمعناه. ونتيجة ذلك : أنه يكون معابا أخلاقيا أولا ودنيويا ثانيا وأخرويا ثالثا.
ومن مصاديق ذلك : اللهو العرفي بالالتزام بما هو أدنى عرفا وترك ما هو أعلى. ومن مصاديقه الرئيسية أيضا : التلهّي بأعمال الدنيا عن أعمال الآخرة.
ومن مصاديقه أيضا : أن الإنسان ينصرف إلى عمله الشخصي وينسى العمل لغيره ، فيكون عمله سببا للغفلة من عمل الآخرين الأكثر أهمية ، إن كان كذلك.
فمقاربة الدنيا تكون دائما بهذه الطريقة ، قال تعالى (١) : (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ). لأنهم يهتمون بالدنيا ، وكأن الآخرة غير موجودة ، وإن كانوا يعتقدون بأصول الدين.
فقوله تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ). أي صار التكاثر سبب غفلتكم عن الآخرة.
سؤال : ما معنى التكاثر؟
جوابه : قال في المفردات (٢) : والتكاثر : التباري في كثرة المال والعز ، قال تعالى : (أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ).
أقول : هنا توجد أكثر من ملاحظة :
الأولى : التباري هو المفاعلة ، كالتضارب والتناصل ونحوها. فلا بد من
__________________
(١) الروم / ٧.
(٢) مادة «كثر».