أقول : وفيه :
أولا : إن وصول الألم إلى الفؤاد غير منحصر في جهنم. بل إن كل الآلام ، والأفراح تصل إلى الفؤاد باعتباره بيت العواطف ، كما أن العقل بيت الإدراك : فبلاء الدنيا ، أيضا ، يطلع على الأفئدة. إذا قصدنا مجرد الوصول.
ثانيا : إن ذهابها إلى القلب لا يعني الاطلاع على القلب بمعنى المعرفة. لأن جهنم ليس لها علم ، وإنما العلم عند الله سبحانه.
ومعه يفشل هذا الوجه ، إلّا أن نجد له تفسيرا آخر ، فنقول :
التفسير الأول : إن الاطلاع ليس بمعنى المعرفة بل بمعنى النظر. أي : وصل نظره إليه واطلع عليه ، كما ينظر الإنسان من النافذة. وفي الحديث (١) : إن الله طلع اطلاعة على البشر فاختارني منهم ، أي نظر إليهم. فالنظر يصل إلى المنظور إليه ، وليس هو ملازم للفهم دائما. فتأمل.
التفسير الثاني : أن نقول ، كما قال الفلاسفة : إن الأشياء كلما صعدت في عالم الروح المجرد زاد فهمها وإدراكها. وكلما كانت أقرب إلى المادة قلّ فيها ذلك. إذن ، تكون الأشياء في عالم الروح الأخروي فاهمة ومدركة. وجهنم جزء من ذلك. لأن الإدراك مساوق للوجود فكلما ارتفع الوجود زاد الإدراك وكلما تنازل قلّ. وبذلك تكون جهنم مطلعة على الأفئدة.
التفسير الثالث : أن تطلع لها قراءة أخرى وإن لم تكون مشهورة. وهو تطلع بالتخفيف. أي تصعد إليها وتخرج إليها وتدخل فيها.
الوجه الثالث : ما ذكره الشريف الرضي أيضا (٢) ، من : أن شعب النار
__________________
(١) الخصال ، ص ١٤٢ ، عيون أخبار الرضا ، ج ٢ ، ص ٦٦ ، وانظر ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص ٦٤٥.
(٢) انظر تلخيص البيان : ص ٢٨٤.