الثالث : إنها بمنزلة جزاء الشرط. قال في الميزان (١) : والفاء في «فذلك» لتوهم معنى الشرط. أقول : أي إن أداة الشرط وفعل الشرط مقدّران : على معنى : إن عرفته فهو المطلوب وإن لم تعرفه فاعرفه بصفاته ، فإنه كذا وكذا.
والوجوه التي لا تحتاج إلى تقدير هي الأفضل بطبيعة الحال. فإن التقدير خلاف الأصل وخلاف الظاهر.
سؤال : ما هو معنى : يدعّ؟
قرئ بالتخفيف : يدع اليتيم أي يهمله وينساه ، وقرئ بالتشديد وهو المشهور.
قال الراغب (٢) : الدع الدفع الشديد ، وأصله : أن يقال للعاثر : دع دع. كما يقال له : لعا. وقال في الميزان (٣) : الدع هو الرد بعنف وجفاء.
أقول : فيكون في الدع عناصر ثلاثة :
الأول : إن الدع يكون دفعا من جهة الظهر.
ثانيا : إنه دفع على حين غرة وغفلة. وهو المناسب مع احتقار المجرم.
ثالثا : ما قاله سيد قطب في بعض كتبه (٤) ، من أن الإنسان حين يدفع بعنف يخرج منه صوت «أع» فأخذ منه معنى الدع.
أقول : إن القرآن يستعمله كلفظ لغوي ، ولم يجد مناسبا إلّا ذلك. فإن اللغة قائمة أساسا على الأصوات. وهي منشؤها الطبيعي ، كالتألم والضحك وأصوات الحيوانات ، وغيرها. إذن ، فالدع والدفع من الألفاظ الصوتية. وفيه صوتان : أحدهما : فع. وهو يمثل الصوت الذي عبر عنه سيد قطب. ثانيهما : الدال. وهو صوت الضربة ، وهي التي إن أنتجت
__________________
(١) المصدر والصفحة.
(٢) المفردات مادة «دع».
(٣) ج ٢٠ ، ص ٣٦٨.
(٤) انظر مشاهد القيامة في القرآن الكريم.