كعدم الإيمان بالتوحيد وبالرسالة المحمدية وبالقرآن. وهكذا.
وهذا ما تؤكده السورة ويدل عليه سياقها. والهدف الذي قلنا إنه أنزلت السورة من أجله ، وهو المفارقة والمزايلة بين الحق والباطل.
والسياق مع القرائن المتصلة تدعم تأييد هذا الهدف ، وهو أن الكفار من حيث كونهم كفارا لا يؤمنون بالله ، والمؤمنون من حيث كونهم مؤمنين لا يعبدون الأصنام كائنا ما كان ذاك الصنم. وهو يؤيد ما روي عن «فسطاط إيمان لا كفر فيه وفسطاط كفر لا إيمان فيه».
أما قوله تعالى (١) : (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ...) الآية ، فهو صحيح ، سواء قصد الكلي أو الجزئي. لأن عدم الهداية يكون بمنزلة المعلول أو بمنزلة العقوبة لأفعالهم السابقة ، ومن المعلوم : أن الأكثر هنا لا يراد به ظاهرا أناس معنيون.
وأما قوله تعالى (٢) : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ). فيراد به المتعصبون. وهو صادق سواء كان المراد : الجزئي أو الكلي.
فإن قلت : إنه في هذه السورة يراد المتعصبون أيضا.
قلت : يحتاج ذلك إلى قرينة وهي مفقودة.
فإن قلت : إن القرينة هناك أيضا مفقودة.
قلت : إن قوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ) قرينة عليه.
فإن قيل : إن ظهور «لا» بالاستقبال دال عليه.
قلنا : هذا لا يكفي لأن ظهورها بالاستقبال يكفي فيه يوم واحد. وأما استفادة التأبيد ، فهو غير محرز إلّا بالإطلاق. فنفهم من الإطلاق أمرا عقائديا مهما مخالفا للواقع. فهذا غير ممكن ، بخلاف الآيتين اللتين فيهما قرائن لفظية.
__________________
(١) يس / ٧.
(٢) يس / ١٠.