فإن
قلت : إن النبي صلىاللهعليهوآله معصوم. والمعصوم لا ذنب له.
قلنا : نعم ، ولكنه كان يشعر بينه وبين ربه بذنوب (دقّيّة)
وبعض أشكال التقصير ، المنظور إليه من أعلى. فلا بد من الاستغفار منها.
قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً).
«كان» هنا
للشأنية لا للماضوية. كما ذكرنا في علم الأصول. والقرينة على ذلك أمران :
الأمر
الأول : قرينة عامة
: وهو أنه سبحانه لا يحتمل تبدل شأنه من حالة إلى أخرى ، فنعلم أنه ثابت في الماضي
وفي الحال وفي المستقبل. يعني أنه توجد قرينة عقلية قطعية على استمرار صفاته أزليا
، فلا يصدق في حقه «كان» إذا كان المراد منها الماضي.
الأمر
الثاني : وهي أوضح
عرفا وعقلائيا ، فإن قوله : (إِذا جاءَ) وقوله : (رَأَيْتَ النَّاسَ) ، وقوله : (فَسَبِّحْ). كلها تدل على الاستقبال. فلا يمكن أن يكون قوله : (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) ، للماضي.
مضافا إلى أن
إطاعة الأمر لا يمكن أن تكون إلّا استقباله. ولا تكون حالية ، أي في حال الأمر.
ولا يمكن اجتماعه مع ما هو ماض ، بطبيعة الحال. فحتى مع فرض التنزل عن القرينة
العامة ، فإن السياق الاستقبالي للسورة يعين بالقرينة المتصلة أن المراد بكان :
الشأنية.
وقوله : توابا ، صيغة مبالغة ، ويمكن ملاحظتها من جهتين :
الجهة
الأولى : من ناحية
مادتها وهي التوبة. وتحصل من الطرفين : من العبد وربه. كقوله : من تاب تاب الله عليه ، فتوبة العبد هي التنصل من
الذنوب. والتوبة من الله هي الستر على الذنوب واعتبارها كالعدم كما ورد : التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
__________________