الأول : أن يكونا معا في الدنيا ، وهذا هو المنحى التفسيري المشهور أو (المادي) فيكون النصر مقدمة للفتح. وربما خصّوه بفتح مكّة.
الثاني : أن يكونا معا في الآخرة أي النصر المعنوي والفتح المعنوي. ويكون النصر على النفس الأمارة بالسوء. ويكون الفتح بمعنى فتح العقل وإمكانية الفهم وتلقي العلوم ، سواء كان ذلك من الظاهر أو من الباطن. قال تعالى (١) : (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ). أي بما فتح الله من علم المعارف والعلوم ، لا بمعنى فتح مكة. وإذا كان الفتح متزايدا وعميقا في العقل ، فهو الفتح المبين. قال الله تعالى (٢) : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً).
الثالث : أن يكون أحدهما دنيويا والآخر معنويا أو أخرويا. وعلى هذا المستوى يكون المعنى : أن تنتصروا انتصارا دنيويا نفتح لكم فتحا معنويا. إلّا أن وحدة السياق تأبى هذا الوجه ، وتدعم أحد الوجهين السابقين.
والفرق بين النصر والفتح ، هو : إن النصر يتضمن المقدمات بينما الفتح يتضمن النتائج. ولذا قيل : الهدم قبل البناء. كما في هدم العقائد الفاسدة. فإنه ليس بالأمر اليسير بل يتم بالتسديد الإلهي والرحمة الإلهية.
وعلى أي حال ، فكل فتح يحتاج إلى مقدمات ، وأهم مقدماته : النصر وإزالة العوائق. وهذا معنى سار في كل فتح ونصر. سواء كان ماديا أو عسكريا أو عقليا أو نفسيا أو في أي عالم خلقه الله تعالى.
سؤال : هل المراد فتح ونصر معيّن أو كلي؟
جوابه : إن في ذلك عدة أطروحات :
الأطروحة الأولى : أن يراد به فتح مكة. وفي ذلك نقطة ضعف ونقطة قوة :
__________________
(١) البقرة / ٧٦.
(٢) الفتح / ١.