ونفسه ليصل إلى النتائج الحاسمة ، وإلّا فخير له الإعراض عن هذا الكتاب بكل تأكيد.
هذا ، وقد اتخذت في جواب الأسئلة أسلوب الأطروحات ، على ما سوف أقول في معناها ، الأمر الذي استوجب في الأعم الأغلب ، أنني لم أعط الرأي القطعي أو المختار ، بل يبقى الأمر قيد التفلسف في الأطروحات. والمفروض أن أيا منها كان صحيحا ، كان جوابا كافيا عن السؤال. ويبقى اختيار الأطروحة الواقعية منها ، موكولا ظاهرا إلى القارئ اللبيب ، وواقعا إلى المقاصد الواقعية للقرآن الكريم.
وعلى أي حال ، فلا ضرورة دائما إلى البت بالأمر ، كأنك تلقي محاضرة في أمور قطعية محددة ، أو رياضية غير قابلة للنقاش ؛ ما دام أسلوبنا هذا كافيا في الدفاع ضد الشبهة وللجواب على السؤال.
بل إن هذا الأسلوب له عدة مزايا ، منها :
أولا : بقاء الباب مفتوحا لزيادة في التفلسف والتفكير ، كما سبق. فبدلا من ذكر ثلاث أطروحات مثلا ، يمكن ـ بعد ذلك ـ طرح خمس أو عشر ، مما لم يتيسر فوريا الالتفاف إليها أو الاعتماد عليها.
ثانيا : الإلماع إلى أن الأسئلة المعروضة ضد القرآن الكريم ، ليس لها جواب واحد ، بل يمكن أن يتحصل عليها عدة أجوبة ، ومن جوانب متعددة ، الأمر الذي لا يقتضي القناعة بمضمون القرآن وصحته ، بل القناعة أيضا بسقوط السؤال وذلته ، وأن السائل من التدني والإهمال ، بحيث لم يفهم شيئا من هذه الأجوبة والأطروحات ولم يلتفت إليها.
فيكون مجرد عرض السؤال مصداقا لقول الشاعر :
إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة |
|
أو كنت تدري فالمصيبة أعظم |
وهذه نتيجة صحيحة ولطيفة ، ضد كل المتعصبين ضد الدين من كفار وملحدين وفساق ومعاندين.