وآله حتى في النشأة الأخرى ، كما أن الإمام عليهالسلام يرى أعمال الخلائق ، ويلاحقها ، ويتعاطى معها ، من موقع البصير الخبير ، والعارف بالداء والدواء.
وقد كان تنزيل القرآن سورة سورة ، ثم نزوله على سبيل التدريج حين تحقّق ما تنطبق عليه الآيات ، يؤكّد للناس أن هذا القرآن هو من عند عالم الغيب والشهادة ، فيكون ذلك قاهرا لعقولهم ، وموجبا لخضوعهم ، وبخوعهم واستسلامهم له.
وذلك من أسباب تقوية الرسول ، ومعونته وإحكام أمره ، وزيادة درجة الصبر والتحمّل لديه صلىاللهعليهوآله .. على طريقة : (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١) .. فإن تجسّد هذا الغيب على صفحة الواقع حركة وسلوكا ، ومفردات حيّة ناطقة ، تلزم بالحجة ، وتقطع العذر ، وتؤكّد يقين الناس ، وتقوّي موقف الرسول ، إن هذا من شأنه أن يثلج صدره صلىاللهعليهوآله .. ويفرح قلبه ، ويزيد من تصميمه ، ويشدّ من عزيمته.
ولعلّ هذا يفسّر لنا قوله تعالى : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٢) ..
نعم إن هذا القرآن الذي حدّث الناس في هذه السورة المباركة ، ـ سورة : «هل أتى» ـ عن هذه الحقائق والدقائق ، قد أنزله الله تعالى بصورة تدريجية ، لكي يظهر بما لا يقبل الشك أنه من عند عالم الغيب
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٦٠.
(٢) سورة الفرقان الآية ٣٢.