لان القاتل ممنوع من القتل بالزواجر الشرعية ، وعنده اعتقاد عقلي يمنعه عن الاقدام ، ولهذا لم يكن العوض على صانع السيف بل عليه ، بخلاف ما نحن فيه.
وعن الثاني : فانه قد يحسن المنع عن الحسن اذا كان لذلك وجه حسن كما يحسن منع المعاقب عن العقاب ، وأيضا لو صح دليلكم لزم أن لا يحسن من التداوي من الآلام المبتدأة ، واللازم باطل بالاجماع ، فما أجيب فهو جوابنا.
وقال أبو علي الجبائي : ان العوض على الحيوان المباشر ، لقوله عليهالسلام «يوم ينتصف للجماء من القرناء» ، والانتصاف انما يكون بأخذ العوض من الجاني وايصاله الى المجني عليه. وقال قوم : انه لا عوض هنا لا على الله تعالى ولا على الحيوان ، لقوله عليهالسلام «جرح العجماء جبار».
والجواب عن هذين الخبرين بأنهما من الآحاد ، فلا يكونان حجة في المسائل العملية ، وعلى تقدير [التسليم] لصحتها فهما قابلان للتأويل :
أما الاول فبوجهين : الاول : الانتصاف هو ايصال عوض الالم الى المجني عليه ، أعم من أن يكون من الجاني أو غيره ، فان الواحد منا لو قال لمن جنى عليه عبده : لانصفنك من عبدي ، ثم أنه عوضه عن ألمه الصادر من عبده يسمى منتصفا له ، فكذا هنا جاز أن يكون الانتصاف بإيصال العوض ، لكنه من الله تعالى.
الثاني : أنه يحتمل أن يريد بالجماء المظلوم ، وبالقرناء الظالم على وجه الاستعارة ، ووجه المشابهة مشاركة المظلوم للجماء في عدم القوة على دفع العدو ، ومشاركة الظالم للقرناء في القوة على الدفع.
وأما الثاني : فيحتمل أن يراد بالجبار أنه لا يستحق به قصاص في الدنيا ، وذلك لا ينافى استحقاق العوض على الله تعالى ، اذ نفي القصاص لا يستلزم نفي العوض.