وأقول :
قد سبق في المطلب الأوّل بيان المراد في قوله تعالى : ( خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) (١) فراجع تحقيقه (٢).
وأمّا قوله : « لأنّ العبد هو المباشر والكاسب » ..
ففيه : إنّ الكسب الذي يزعمونه أيضا خلق الله تعالى ؛ لأنّه خالق كلّ شيء ، ولا أثر للعبد في الكسب أصلا.
ما أدري هل المقتضي للعقاب مجرّد الألفاظ وأن يقال : إنّ العبد كسب وفعل؟!
وأمّا قوله : « ومن تصرّف في حقّه بأيّ وجه من وجوه التصرّف لا يقال : إنّه ظلم » ..
فظاهر البطلان ، ضرورة أنّ صحّة تعذيب العبد بأنواع العذاب من دون ذنب ليست من مقتضيات الملكيّة وحقوقها ، بل هذا التصرّف ظلم محض لا يستحقّه المالك بوجه أصلا.
قال تعالى : ( وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ ) (٣) ، فإنّه سبحانه جعل إهلاكه للمصلح ظلما وإن كان من التصرّف في الملك.
فتعبير الخصم عن الملك بالحقّ على وجه يجوز فيه ذلك التصرّف
__________________
(١) سورة الرعد ١٣ : ١٦ ، الزمر ٣٩ : ٦٢.
(٢) انظر ردّ الشيخ المظفّر قدسسره في ج ٢ / ٣٤٢.
(٣) سورة هود ١١ : ١١٧.