وقال الفضل (١) :
مذهب الأشاعرة : إنّ القدرة الواحدة لا تتعلّق بالضدّين ، بناء على كون القدرة عندهم مع الفعل لا قبله.
بل قالوا : إنّ القدرة الواحدة لا تتعلّق بمقدورين مطلقا ، سواء كانا متضادّين أو متماثلين أو مختلفين ، لا معا ولا على سبيل البدل ، بل القدرة الواحدة لا تتعلّق إلّا بمقدور واحد ، وذلك لأنّها مع المقدور (٢).
ولا شكّ أنّ ما نجده عند صدور أحد المقدورين مغاير لما نجده عند صدور الآخر.
ومذهب المعتزلة ومن تابعهم من الإمامية : إنّ قدرة العبد تتعلّق بجميع مقدوراته المتضادّة وغير المتضادّة (٣).
وأنا أقول : ولعلّ النزاع لفظي لا على الوجه الذي ذكره الإمام الرازي ، فإنّ الأشاعرة يجعلون كلّ فرد من أفراد القدرة الحادثة متعلّقا بمقدور واحد ، وهو الكائن عند حدوث الفعل ، فكلّ فرد له متعلّق.
والمعتزلة يجعلون القدرة مطلقا متعلّقة بجميع المقدورات ، وهذا لا ينافي جعل كلّ فرد ذا تعلّق واحد.
والمعتزلي لا يقول : إنّ الفرد من أفراد القدرة الحادثة إذا حدث
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٥٢.
(٢) انظر : تمهيد الأوائل : ٣٢٦ ، المواقف : ١٥٣.
(٣) انظر : شرح الأصول الخمسة : ٤١٥ ، شرح المواقف ٦ / ١٠٢ ـ ١٠٣ ، الذخيرة في علم الكلام : ٨٥ ، الاقتصاد في ما يتعلّق بالاعتقاد : ١٠٣.