وقال الفضل (١) :
شرط الفعل الذي يقع به التكليف أن يكون ممّا يترتّب عليه الثواب في عادة الله تعالى ، لا أنّه يجب على الله تعالى إثابة المكلّف المطيع ؛ لأنّه لا يجب عليه شيء ، بل جرى عادة الله تعالى بإعطاء الثواب عقيب العمل الصالح ، وليس للمكلّفين على الله تعالى دين يجب عليه قضاؤه.
ولو كان إلّا كذلك ، للزم أن يكون العباد متاجرين مع الله تعالى ، كالأجراء الّذين يأخذون أجرتهم عند الفراغ من العمل ، ولو لم يعط المؤجّر أجرتهم لكان ظالما وجائرا.
وهذا مذهب باطل لا يذهب إليه من يعرف نعم الله تعالى على عباده ، ويعرف علوّ الشأن الإلهي ، وأنّ الناس كلّهم عبيد الله ، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء ، وليس لهم عليه حقّ ولا استحقاق ، بل الثواب بفضله وجرى عادته أن يعطي العبد المطيع عقيب طاعته ، كما جرى عادته بإعطاء الشبع عقيب أكل الخبز.
وهل يحسن أن يقال : إنّه إذا لم يجب على الله تعالى إعطاء الشبع عقيب أكل الخبز ، تموت الناس من الجوع؟!
كذلك لا يحسن أن يقال : لو لم يجب على الله تعالى إثابة المطيع وجزاء العاصي ، لارتفع الفرق بين المطيع والعاصي ، ولكان فعل الخيرات وإثارة المبرّات ضائعا عبثا؟!
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٧٧.