وأقول :
قد سبق أنّ الثواب غيبي ، فلا تصحّ دعوى العلم بالعادة فيه ..
وأمّا إحرازها بإخبار الله تعالى ، فغير تامّ ؛ لابتنائه على صدق كلامه تعالى ، وهو غير محقّق على مذهبهم!
مع أنّه قال تعالى : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ) (١) ، ولعلّ ما أخبر به من الثواب ممّا يمحوه.
فأين العادة في الثواب وإحرازها؟! لا سيّما وقد أجاز الخصم خرقها كما هو واقع في عادات الدنيا.
وأمّا ما ذكره من نفي كون الثواب دينا على الله تعالى ، فنحن نمنعه ونقول : إنّه دين ، أي إنّه حقّ عليه اقتضاه عدله.
وأمّا كون العباد متاجرين مع الله تعالى ، فهو ممّا نطق به الكتاب العزيز ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) (٢) ..
وقال تعالى : ( إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ )
إلى قوله تعالى : ( فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ ) (٣) ..
__________________
(١) سورة الرعد ١٣ : ٣٩.
(٢) سورة فاطر ٣٥ : ٢٩ و ٣٠.
(٣) سورة التوبة ٩ : ١١١.