وقال الفضل (١) :
قد مرّ أنّ كلّ ما يقيم من الدلائل هو إقامة الدليل في غير محلّ النزاع.
فإنّ الأشاعرة مذهبهم المصرّح به في سائر كتبهم : إنّه تعالى لا يفعل القبيح ولا يرضى بالقبائح.
والإرادة غير الرضا ، وما ذكر من الآيات ليس حجّة عليهم ، إنّما هي حجّة على من جوّز الظلم على الله والرضا بالكفر.
وهذا الرجل أصمّ أطروش لا يسمع نداء المنادي ، وصوّر عند نفسه مذهبا وافترى أنّه مذهب الأشاعرة ، ويورد عليه الاعتراضات ، وليس أحد من المسلمين قائلا بأنّه تعالى ظالم أو راض بالكفر ، تعالى الله عن ذلك.
وما يزعم أنّه يلزم الأشاعرة فهو باطل ؛ لأنّ الخلق غير الفعل.
والعجب أنّه لا يخاف أن يلقى الله بهذه العقيدة الباطلة ، التي هي إثبات الشركاء لله تعالى في الخلق ، مثل المجوس.
وذلك المذهب أردأ من مذهب المجوس بوجه ؛ لأنّ المجوس لا يثبتون إلّا شريكا واحدا يسمّونه ( أهرمن ) (٢) ، وهؤلاء يثبتون شركاء
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٨٧.
(٢) وأهرمن ، أي : الشرّ أو الضرّ والفساد ، أو الظلمة ؛ وهو الأصل المحدث ..