وقال الفضل (١) :
إعلم أنّ النصّ ما لا يحتمل خلاف المقصود (٢) ، فكلّ ما كان كذلك من كتاب الله وخالفه المكلّف عالما به يكون كافرا ، نعوذ بالله من هذا ، وكلّ ما يحتمل الوجوه ، ولا يكون بحيث لا يحتمل خلاف المقصود ، فالمخالفة له لا تكون كفرا ، بل هو محتمل للاجتهاد والترجيح لما هو الأنسب والأقرب إلى مدلول الكتاب.
والعجب من هذا الرجل أنّه جمع الآيات التي أوردها الإمام الرازي ليدفع عنها احتمال ما يخالف مذهب أهل السنّة ، ثمّ أتى على الآيات كلّها ، ووافق مذهب السنّة لها ، ودفع عنها ما احتمل تطبيقه على مذهب المعتزلة .. وهذا الرجل ذكر الآيات كلّها ، وجعلها نصوصا مؤيّدة لمذهبه ، ولم يذكر ما ذكر الإمام في تأويل الآيات وتطبيقها على مذهب أهل السنّة والجماعة.
وهذا يدلّ على غاية حمق الرجل وحيلته وتعصّبه وعدم فهمه ، أما كان يستحي من ناظر في كتابه؟!
ومثله في هذا العمل كمثل من جمع السهام في وقعة حرب ، وكانت تلك السهام قتلت طائفة من أهل عسكره ، فأخذ السهام من بطون أصحابه ومن صدورهم وأفخاذهم ، ثمّ يفتخر أنّ لنا سهاما قاتلة للرجال ، ولم يعلم
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ٣٣.
(٢) انظر : شرح المصطلحات الكلامية : ٣٦٦ رقم ١٣٢٤ مادّة « النصّ ».