قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ (١) :
ومنها : إنّه يقبح منه تعالى حينئذ تكليفنا فعل الطاعات واجتناب المعاصي ؛ لأنّا غير قادرين على ممانعة القديم ..
فإذا كان فاعل فينا للمعصية هو الله تعالى لم نقدر على الطاعة ؛ لأنّ الله تعالى إن خلق فينا فعل الطاعة كان واجب الحصول .. وإن لم يخلقه كان ممتنع الحصول. ولو لم يكن العبد متمكّنا من الفعل والترك ، كانت أفعاله جارية مجرى حركات الجمادات ، وكما إنّ البديهة حاكمة بأنّه لا يجوز أمر الجماد ونهيه ومدحه وذمّه ، وجب أن يكون الأمر كذلك في أفعال العباد.
ولأنّه تعالى يريد منّا فعل المعصية ويخلقها فينا ، فكيف نقدر على ممانعته؟!
ولأنّه إذا طلب منّا أن نفعل فعلا ولا يمكن صدوره عنّا ، بل إنّما يفعله هو ، كان عابثا في الطلب ، مكلّفا لما لا يطاق ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
* * *
__________________
(١) نهج الحقّ : ١٠٣.