قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ (١) :
ومنها : إنّه يلزم منه الطامّة العظمى والداهية الكبرى [ عليهم ]، وهو : إبطال النبوّات بأسرها ، وعدم الجزم بصدق واحد منهم ، بل يحصل الجزم بكذبهم [ أجمع ] ؛ لأنّ النبوّة إنّما تتمّ بمقدّمتين :
إحداهما : إنّ الله تعالى خلق المعجزة على يد مدّعي النبوّة لأجل التصديق.
والثانية : إنّ كلّ من صدّقه الله تعالى فهو صادق.
ومع عدم القول بإحداهما لا يتمّ دليل النبوّة ..
[ المقدّمة الأولى : ] فإنّه تعالى لو خلق المعجزة لا لغرض التصديق ، لم يدلّ على صدق المدّعي ، إذ لا فرق بين النبيّ وغيره.
فإنّ خلق المعجزة لو لم يكن لأجل التصديق ، لكان لكلّ أحد أن يدّعي النبوّة ويقول : إنّ الله صدّقني ؛ لأنّه خلق هذه المعجزة ، ويكون نسبة النبيّ وغيره إلى هذه المعجزة على السواء ؛ ولأنّه لو خلقها لا لأجل التصديق لزم الإغراء بالجهل ؛ لأنّها دالّة عليه.
فإنّ في الشاهد لو ادّعى شخص أنّه رسول السلطان ، وقال للسلطان :
إن كنت صادقا في دعوى رسالتك ، فخالف عادتك ، واخلع خاتمك ، ففعل السلطان ذلك ، ثمّ تكرّر هذا القول من مدّعي رسالة السلطان وتكرّر من السلطان هذا الفعل عقيب الدعوى ، فإنّ الحاضرين بأجمعهم يجزمون
__________________
(١) نهج الحقّ : ٩١.