وقال الفضل (١) :
الإرادة قد تقال ويراد بها : الرضا والاستحسان ، ويقابلها السخط والكراهة ، وقد يراد بها الصفة المرجّحة والتقدير قبل الخلق ، وبهذا المعنى لا يقابلها الكراهة.
فالإرادة إذا أريد بها الرضا والاستحسان ، فلا شكّ أنّ مذهب الأشاعرة أنّ كلّ ما هو مرضيّ لله تعالى فهو مرضيّ لرسوله ، وكلّ ما هو مكروه عند الله مكروه عند رسوله.
وأمّا قوله : « ذهبت الأشاعرة إلى خلاف ذلك ، فإنّ النبيّ يريد ما يكرهه الله ويكره ما يريده ؛ لأنّ الله يريد من الكافر الكفر ، ومن المعاصي العصيان ... والنبيّ أراد منهم الطاعات » ..
فإن أراد بهذه الإرادة والكراهة الرضا والسخط ، فقد بيّنّا أنّه لم يقع بين إرادة الله وإرادة رسوله مخالفة قطّ.
وإن أراد أنّ الله يقدّر الكفر للكافر والنبيّ يريد منه الطاعة ، بمعنى الرضا والاستحسان ، فهذا صحيح ؛ لأنّ الله أيضا يستحسن منهم الطاعة ويريدها ، بمعنى يقدّرها.
والحاصل : إنّه يخلط بين المعنيين ويعترض ، وكثيرا ما يفعل في هذا الكتاب أمثال هذا ، والله يعلم المصلح من المفسد.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٨٥ ـ ٤٨٦.