وقال الفضل (١) :
قد عرفت في كلام شارح « المواقف » أنّه ذكر هذا النقض ، وليس هو من خواصّه حتّى يتبختر به ويأخذ في الإرعاد والإبراق والطامّات.
والجواب :
أمّا عمّا يرد على الدليل الأوّل فهو : إنّ فعل الباري محتاج إلى مرجّح قديم يتعلّق في الأزل بالفعل الحادث في وقت معين.
وذلك المرجّح القديم لا يحتاج إلى مرجّح آخر ، فيكون الله تعالى مستقلّا في الفعل.
ولو قال قائل : إذا وجب الفعل مع ذلك المرجّح القديم كان موجبا لا مختارا.
قلنا : إنّ الوجوب المترتّب على الاختيار لا ينافيه بل يحقّقه.
فإن قلت : نحن نقول : اختيار العبد أيضا يوجب فعله ، وهذا الوجوب المترتّب على الاختيار لا ينافي كونه قادرا مختارا.
قلت : لا شكّ أنّ اختياره حادث ، وليس صادرا عنه باختياره ، وإلّا نقلنا الكلام إلى ذلك الاختيار ، وتسلسل ، بل عن غيره ، فلا يكون مستقلّا في فعله باختياره ، بخلاف إرادة الباري ، فإنّها مستندة إلى ذاته ، فوجوب الفعل بها لا ينافي استقلاله في القدرة عليه (٢).
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١١٧.
(٢) شرح المواقف ٨ / ١٥١.