وقال الفضل (١) :
حاصل هذا الاعتراض : إنّ كون القدرة مع الفعل يوجب حدوث قدرة الله تعالى أو قدم مقدوره ، إذ الفرض كون القدرة والمقدور معا ، فيلزم من حدوث مقدوره تعالى حدوث قدرته ، أو من قدم قدرته قدم مقدوره ، وكلاهما باطل ؛ بل قدرته أزلية إجماعا ، متعلّقة في الأزل بمقدوراته.
فقد ثبت تعلّق القدرة بمقدورها قبل حدوثه ، ولو كان ذلك ممتنعا في القدرة الحادثة لكان ممتنعا في القديمة أيضا (٢).
وأجاب شارح « المواقف » عن هذا الاعتراض بأنّ « القدرة القديمة الباقية مخالفة في الماهيّة للقدرة الحادثة التي لا يجوز بقاؤها عندنا ، فلا يلزم من جواز تقدّمها على الفعل جواز تقدّم الحادثة عليه.
ثمّ إنّ القدرة القديمة متعلّقة في الأزل بالفعل تعلّقا معنويا لا يترتّب عليه وجود الفعل ، ولها تعلّق آخر به حال حدوثه ، تعلّقا حادثا موجبا لوجوده ، فلا يلزم من قدمها مع تعلّقها المعنوي قدم آثارها ، فاندفع الإشكال بحذافيره » (٣).
وأمّا ما ذكره من التعجّب من بحث الأشاعرة عن القدرة مع القول بأنّها غير مؤثّرة في الفعل ، فبالحريّ أن يتعجّب من تعجّبه ؛ لأنّ القدرة صفة حادثة في العبد ، وهي من صفات الكمال.
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ٢ / ١٤٨.
(٢) انظر : شرح المواقف ٦ / ٩٤ ـ ٩٥.
(٣) شرح المواقف ٦ / ٩٦.