قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ (١) :
ومنها : إنّه يلزم منه سدّ باب الاستدلال على وجود الصانع ، والاستدلال على كونه تعالى صادقا ، والاستدلال على صحّة النبوّة ، والاستدلال على صحّة الشريعة ، ويفضي إلى القول بخرق إجماع الأمّة ؛ لأنّه لا يمكن إثبات الصانع إلّا بأن يقال : العالم حادث ، فيكون محتاجا إلى المحدث قياسا على أفعالنا المحتاجة إلينا ، فمع منع حكم الأصل في القياس ، وهو كون العبد موجدا ، لا يمكنه استعمال هذه الطريقة ، فينسدّ عليه باب إثبات الصانع.
وأيضا : إذا كان الله تعالى خالقا للجميع من القبائح وغيرها ، لم يمتنع منه إظهار المعجز على يد الكاذب ، ومتى لم يقطع بامتناع ذلك انسدّ علينا باب إثبات الفرق بين النبيّ والمتنبّي.
وأيضا : إذا جاز أن يخلق الله تعالى القبائح ، جاز أن يكذب في إخباره ، فلا يوثق بوعده ووعيده وإخباره عن أحكام الآخرة والأحوال الماضية والقرون الخالية.
وأيضا : يلزم من خلقه القبائح جواز أن يدعو إليها وأن يبعث عليها ، ويحثّ ويرغّب فيها ، ولو جاز ذلك جاز أن يكون ما رغّب الله تعالى فيه من القبائح ، فتزول الثقة بالشرائع ويقبح التشاغل بها.
وأيضا : لو جاز منه تعالى أن يخلق في العبد الكفر والإضلال ،
__________________
(١) نهج الحقّ : ١١٤.